الشأن العربي

منتجات غذاء إسرائيلية مقابل عمالة فلسطينية

قررت السلطة الفلسطينية ألا تتلقى من إسرائيل أموال الضرائب التي تستحقها، رداً على قرار إسرائيل اقتطاع مبالغ منها تدفعها السلطة الفلسطينية للسجناء الأمنيين ولعائلات القتلى في المواجهات مع إسرائيل. تسبب هذا القرار للسلطة بأن تقلص في كل نفقة ممكنة، وإحداها -كما أفادت “كلكليست”- هي الدفعات للمستشفيات الإسرائيلية التي تعالج المرضى الفلسطينيين.

ستوجه السلطة الفلسطينية، إذن، مرضاها إلى مستشفيات في الضفة الغربية، وستقتطع المداخيل بالطبع من المستشفيات الإسرائيلية، التي تدخل الفلسطينيين إليها لمعالجتها. في 2018 وصل المبلغ الذي دفع لهذا الغرض من السلطة الفلسطينية إلى 272 مليون شيكل. المتضرر الأساس هو مستشفى هداسا، الذي تلقى في تلك السنة، من هذا البند فقط، نحو 200 مليون شيكل. وعندما يضاف ضياع المداخيل المتوقع إلى المشاكل المالية الأخرى للمستشفى، فمن شأن هذا أن يدهوره إلى أزمة اقتصادية خطيرة، وفقا لـ”إسرائيل اليوم”.

لا يوجد أي وجه شبه بين الاقتصاد الإسرائيلي والاقتصاد في الحكم الذاتي الفلسطيني. فالفجوة في الإنتاج الوطني الخام للفرد، بين التصدير الإسرائيلي إلى مناطق السلطة الفلسطينية، والتصدير منها إلى إسرائيل، كبيرة جداً. أزمة اقتصادية إسرائيلية ستتسبب على الفور بأزمة اقتصادية في الجانب الفلسطيني، بينما الأزمة الفلسطينية ستلحق بإسرائيل ضرراً هامشياً تماماً. ولكن يتبين في مجالات معينة أن تعلقاً إسرائيلياً نشأ بالفلسطينيين.

لقد وجد التعلق الأكبر تعبيره في القدس. ففي عيد الأضحى الأخير يكاد يختفي سواقون في المواصلات العامة. تستعين الفنادق بالقوة البشرية الفلسطينية المهنية، من الإدارة وحتى الطباخين. المستشفيات مليئة بالقوة البشرية الفلسطينية، وغيابها يعطل قسماً كبيراً من النشاط. والآن، يتبين بأن المرضى الفلسطينيين هم أيضاً فرع اقتصادي ذو مغزى، من شأنه أن يسقط أجهزة صحية مهمة بل وحيوية في إسرائيل.

إن من أرادوا السلام مع الفلسطينيين هم الذين اخترعوا الشعار الهراء “نحن هنا وهم هناك”،كي يحببوا الجمهور على الاضطرار للوصول إلى حل وسط إقليمي، وضمان حدود شرقية لإسرائيل، تضمن إسرائيل من غربها دولة يهودية وديمقراطية. 52 سنة مرت منذ حرب الأيام الستة، والفئتان السكانيتان تتداخلان الواحدة بالأخرى. مصير “هداسا” متعلق بدفعات الجمارك على البضائع الفلسطينية. الضفة لا يمكنها أن تعيش دون منتجات الغذاء الإسرائيلية، ونحن، لا يمكننا أن نتدبر أمرنا بلا مئات آلاف الفلسطينيين الذين يعملون في إسرائيل.

لا يوجد حل يضمن مستقبل دولة اليهود (وكل مواطنيها) في ظل تجاوز الحاجة إلى الحدود، وخطها واضح جداً. ولكن هذه الحدود لن تفصل بين الشعبين، بل ستسمح للدولتين أن تعيش الواحدة إلى جانب الأخرى في إطار كونفدرالي، لا يقضي التعلق الذي نشأ بين الطرفين على المصالح الحيوية لكليهما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى