تقارير وتحليلات

من يمتلكها يمتلك ليبيا.. ميلشيات مسلحة ليبية تشعل النار في آبار النفط وباتفاق باريس أيضاً!

منذ إعلان ابراهيم الجضران يوم الخميس 14 يونيو عن إطلاق ما أسماه عملية عسكرية في مرافئ الهلال النفطي السدرة ورأس لانوف شرق ليبيا انخفضت السعات التخزينية من 950 ألف برميل الى 550 ألف برميل من النفط الخام.

كما أكد رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله على شدة حجم الدمار الذي أصاب البنية التحتية النفطية بشكلٍ كبير، مؤكداً وجود احتمال أن تنتهي خزانات شركة “الهروج” بالكامل الى الدمار، ما يعني خسارة ما يقرب من 30 مليون دولار يومياً جراء وقف التصدير في المينائين اللذين يمثلان أكثر من 80 في المائة من الإنتاج النفطي الليبي.

كما عاود الدولار الصعود في السوق الموازي ليتجاوز حاجز 7 دنانير، حيث سجل في تعاملات يوم الثلاثاء 7.25 دينار للدولار الواحد، بعدما شهد انخفاضاً ملحوظاً في وقت سابق ليصل إلى 6.30 دينار عقب الإعلان عن إصلاحات اقتصادية في مؤتمر تونس.

هجوم الجضران على المنشآت النفطية يأتي بهدف السيطرة عليها وتحريرها من قوات المشير خليفة حفتر التي تسيطر عليها منذ سبتمبر 2016، وتعتبرها ورقة الضغط الأساسية لديها للتفاوض مع حكومة طرابلس في الغرب وأيضاً مع القوى الإقليمية والدولية.

عودة الجضران

في فيديو له على صفحات التواصل الاجتماعي يظهر إبراهيم الجضران، القائد السابق لقوات حرس المنشآت النفطية التابع لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس وهو يعلن عن استيلائه على أهم آبار وخزانات النفط في ليبيا.

 

واعتبر الجضران أن عمليته العسكرية تستهدف استرجاع حقه الذي انتزعته منه قوات حفتر قبل سنتين حينما استولت على الموانئ النفطية وطردته منها رغم أنه أعلن ولاءه لوزارة الدفاع التابعة لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس والتي تساندها بعثة الأمم المتحدة.

وفي أغسطس 2013 أسس الجضران ما أطلق عليه المكتب السياسي لإقليم برقة (شرق ليبيا)، واقترح تسمية حكومة تابعة له للمطالبة بتنفيذ نظام فيدرالي في ليبيا بدعوى استعادة حقوق الإقليم.

وبرز بشكل كبير عندما فرض نفسه آمراً لحرس المنشآت النفطية في المنطقة الوسطى، وسيطر على منطقة الموانئ النفطية، قبل أن تنتزعها منها قوات حفتر، وبعد غياب سنتين عاد الجضران للواجهة من جديد.

مصادر “عربي بوست” اعتبرت أن الجضران كان ينتظر دائماً الساعة المناسبة للهجوم على المنابع الرئيسية للنفط الليبي باعتبارها ورقته الوحيدة للعودة لساحة اللاعبين الكبار في ليبيا، وأيضاً لكسب تعاطف أبناء قبيلته “المغاربة” المستقرين في المنطقة والذي يشتكون حرمانهم من عائدات النفط الليبي منذ أن استولت عليها قوات حفتر.

وصف العميد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم قوات المشير خليفة حفتر الهجوم المسلح الذي قاده الآمر السابق لحرس المنشآت النفطية إبراهيم الجضران والميلشيات المتحالفة معه على منطقة الهلال النفطي شمال شرقي البلاد نهاية الأسبوع الماضي بالمحاولة الفاشلة لعرقلة إعلان الجيش “تحرير مدينة درنة بالكامل وانتصاره على الجماعات المتطرفة هناك، مشدداً على أن العمليات العسكرية في درنة دخلت بالفعل مراحلها الأخيرة”.

وأضاف المسماري أن الجضران حاول أن يجعل هجومه تحت عباءة قبلية وجهوية بإقحام قبيلته المغاربة، والتي تقطن الهلال النفطي، لكن الدافع وراء الهجوم هو خسارتهم العسكرية في درنة.

المسؤول العسكري اعتبر أيضاً أن الهجوم  يأتي بعد خسارة الأطراف المساندة للجضران للمعركة السياسية بعد لقاء باريس الأخير الذى أكد على ضرورة إجراء انتخابات في البلاد “يعرفون مسبقاً أن الانتخابات لن توصلهم إلى تحقيق أهدافهم، وبالتالي، قاموا بهذا الهجوم لتكون لديهم ورقة النفط، باعتبارها من أهم أوراق الضغط السياسي، حتى يضمنوا أن يكون لديهم مكان في أي حل للأزمة الليبية”.

خطوة ضد إعلان باريس؟

عبد السلام نصية عضو مجلس النواب التابع لحكومة طبرق في الشرق يعتبر أن السبب الرئيسي لهجوم الجضران هو إفشال اتفاق باريس الذي جمع الأطراف الليبية الأساسية في الصراع من أجل الاتفاق على موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وتوحيد السلطات في البلاد.

وأضاف نصية أنه اليوم وبعد اتفاق باريس وتحديد موعد للانتخابات الرئاسية وأصبح هناك أمل في الخروج من مربع القيادة الجماعية وإنهاء التدخل الخارجي “تحرك أيضاً أصحاب المصالح وأشعلوا حرباً على قوات الليبيين وتم تدمير المنشآت النفطية لإفشال ذلك”.

وأدانت وزارة الخارجية الفرنسية عملية الهجوم على منشآت نفطية في منطقة الهلال النفطي، وفقاً لـوكالة الصحافة الفرنسية، حيث قالت الناطقة باسم الوزارة الخارجية إن الموارد النفطية لليبيا هي ملك للشعب الليبي ويتعين أن تظل تحت سلطة المؤسسة الوطنية للنفط وأن يستفيد منها كل الليبيين.

وأضافت أن فرنسا مصممة على التوصل إلى حلّ سياسي دائم في ليبيا عبر إجراء انتخابات تم التوافق على موعدها في مؤتمر باريس في 29 مايو الماضي، وأكدت أن من سيعرقلون هذه العملية “سيخضعون للمحاسبة”.

بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا كان لها نفس الموقف ووصفت الهجوم الأخير بالتصعيد الخطير في منطقة الهلال النفطي مما يعرض اقتصاد ليبيا للخطر، ويهدد بإشعال مواجهة واسعة النطاق في البلاد و”يجب إعادة الهدوء بشكل فوري، وأن تبقى الأولوية لوحدة ليبيا” يضيف بيان البعثة”.

فرنسا تتدارك الموقف

مباشرة بعد الهجوم على الهلال النفطي وجهت وزارتي الخارجية والدفاع الفرنسيتين الدعوة إلى أعضاء تجمع نواب مصراتة وعدد من الشخصيات السياسية بالمدينة القوية في الغرب الليبي للحضور إلى باريس يومي 20 و21 يونيو/حزيران لمناقشة مبادرة باريس والملفات السياسية العالقة في ليبيا.

عضو المجلس الأعلى للدولة أبو القاسم قزيط أكد تلقيهم الدعوة إلا أنهم لم يردوا بالموافقة أو الرفض حتى ولايزالون يدرسونها.

وكان نواب وفاعلون من المدينة رفضوا قبول دعوة قمة باريس المنعقدة في 29 مايو السابق بسبب ما وصفوهم بمنحهم صفة مراقبين وعدم اعتبارهم مشاركين أساسيين في الحوار.

وتم تأجيل اللقاء مع أعيان مصراتة إلى وقت غير محدد وهو ما أكده عضو مجلس النواب عن مدينة فتحي باشاغا، الذي صرح لوسائل إعلام محلية أن الاجتماع مع المسؤولين الفرنسيين عن الملف الليبي تم تأجيله إلى الأسبوع القادم.

وكانت ميليشيات مليشيات مسلحة تنتمي لبعض المدن الليبية في المنطقة الغربية وخاصة طرابلس قد أعلنت في وقت سابق عن أن المبادرة الفرنسية التي جرت بحضور الأطراف الليبية المتمثلة في مجلس النواب والمشير خليفة حفتر، ومجلس الدولة والمجلس الرئاسي “لا تمثلهم”، وأكدت دعمها الكامل لمدنية الدولة وتداول السلطة بشكل سلمي، في إشارة منها إلى تأكيد المبادرة الفرنسية على دور الجنرال حفتر وترسيخ سلطاته في شرق البلاد.

وقامت قوات حفتر بمحاولات عدة لاسترجاع المناطق التي استولى عليها القائد السابق لحرس المنشآت النفطية طيلة الأيام الماضية إلا أنها إلا أنها فشلت لتبقى المواجهات مستمرة في منطقة الهلال النفطي ومعها تستمر الخسائر التي قدرتها المؤسسة الوطنية للنفط بمئات ملايين الدولارات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى