تقارير وتحليلات

مهندس طيران وتاجر مخدرات أغرقا الولايات المتحدة بأسلحة نوعية غير مرخصة

كان  هذا ثنائياً غير متوقع: مهندس طيران ذو تصريح أمني حكومي يعيش في منزل في الضواحي، وبائع مخدرات مسلح شعاره: «كن جاهزاً دوماً لإطلاق النار».

لكنَّ ليونارد جي لاراواي وبوبي بيركينز معاً، بحسب وثائق المحكمة، خلقا خط توصيل للأسلحة غير القانونية من ضواحي فيرجينيا إلى مدن في إقليم الأطلسي الأوسط الذي يضم نيويورك وعاصمتها مدينة ألباني، ونيوجيرزي وعاصمتها مدينة ترنتن وبنسلفانيا وعاصمتها هاريسبورج.

يضيف تقرير شبكة CNN الأمريكية: عثرت الشرطة على عشرات الأسلحة المرتبطة بهذين الرجلين خلال السنوات الأخيرة، معظمها في العاصمة واشنطن، وذلك بحسب الوثائق المقدمة إلى محكمة الدرجة الأولى بفيرجينيا. ويزعم المدعون الفيدراليون أنَّ الأسلحة التي باعها بيركنز «مرتبطة بثلاثة جرائم مختلفة» بما في ذلك جريمة قتل تعرض لها ابن عمه.

استعيدت أسلحة أخرى من تاجر كوكايين مزعوم، مع سترة مضادة للرصاص، وأسلحة من مشتبه به بالسطو على السيارات متهم بارتكاب عمليتي سطو مسلح في ليلة واحدة، ومن صندوق تابلوه إحدى السيارات –بعيداً بمسافة قليلة عن متناول رجل كان مندفعاً إليها بينما كان يقاتل الشرطة، وذلك بحسب مراجعة أجرتها شبكة CNN الأمريكية لوثائق المحكمة وتقارير الشرطة والمقابلات.

 

انتهى المطاف بإحدى هذه الأسلحة، من طراز Taurus عيار ٩ ملم، في يد ماركوس برايانت (22 عاماً) الذي أدين باستخدام السلاح في سرقة متجر Metro PCS في شمال غربي العاصمة واشنطن في نوفمبر/تشرين الثاني 2015. ويمكن رؤيته وهو يحمل السلاح في إحدى فيديوهات المراقبة المأخوذة من داخل المتجر.

أما ما لم يظهر في الفيديو فهو الألم المستمر، بعد أكثر من 3 سنوات، لمديرة المتجر، فيرونيكا بيرموديز، التي كانت حاملاً في الشهر الثاني يوم السطو، ولا تزال خائفة للغاية إلى درجة أنها غير راغبة في العمل خارج منزلها.

قالت بيرموديز لشبكة CNN: «حتى اليوم، هذا الحادث كابوس بالنسبة لي. أشعر بعدم الأمان تماماً، وسوف أعيش بذلك لبقية حياتي».

عالم تجارة الأسلحة غير المرخصة

تعطينا محاكمات لاراواي وبيركينز لمحة عن عالم تجارة الأسلحة غير المرخصة، التي تعد، بحسب المسؤولين، مصدراً مشتركاً للأسلحة يستخدمه المجرمون، لكنه مع ذلك، للأسف، مصدر يصعب ضبط الشرطة له. إذ يبيع التجار غير المرخص لهم أسلحة دون إجراء فحوصات خلفية للمشترين المحتملين، ما يجعلهم مصدراً لغير القادرين على اجتياز هذه الفحوصات. ويمكن لطبيعة عدم طرح الأسئلة لمثل هذه المبيعات أن تجعل المسار المستقبلي لهذه الأسلحة صعب التوقع.

مثل العديد من التجار غير المرخص لهم، فقد بدا لاراواي مشتبهاً به غير محتمل عندما خضع لفحص المكتب الفيدرالي للكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات، المعروف بـATF.

كان لاراواي يتقاضى راتباً من ستة أرقام بوصفه مهندساً في وكالة إدارة العقود الدفاعية وكان يسعى للحصول على درجة ماجستير ثانية في كلية الحرب البحرية الأمريكية المرموقة.

وإلى جانب ذلك، كان يدير عملاً جانبياً مزدهراً لتجارة الأسلحة في السوق السوداء، بحسب السلطات.

كان لاراواي يشتري الأسلحة من المتاجر المرخصة، فيلتقط صوراً لها، ثم ينشرها على مواقع بيع الأسلحة مع وصف موجز – وسعر مبالغ فيه.

قال لاراواي للسلطات إنه كان يتلقى اتصالات هاتفية من مشترين محتملين، ثم يقابلهم شخصياً لإجراء عمليات بيع بالتراضي نقداً ودون أوراق رسمية.

باع لاراواي عشرات الأسلحة بهذه الطريقة قبل أن يجد أكثر زبائنه موثوقية: بيركينز، وهو جندي سابق بالمارينز سوف يعترف لاحقاً في المحكمة أنه كان يدير تجارة مخدرات سرية من مجمع سكني مقابل لمدرسة ابتدائية.

كان بيركينز يبيع الماريغوانا والكراك والكوكايين المسحوق والهيروين. وكان معروفاً للزبائن والمساعدين باسم «The Plug»، وهي كلمة عامية تعني المصدر الكبير للمخدرات. كان بيركينز مسلحاً على الدوام، وعادة ما كان مسلحاً بأكثر من سلاح واحد كل مرة، وفقاً لما كتبه المدعون العموميون في مذكرة الحكم التي استشهدوا فيها أيضاً بشعاره الشهير عن الاستعداد الدائم لإطلاق النار.

التقى لاراوي ببركينز للمرة الأولى بعد أن استجاب بيركينز لإعلان على الإنترنت نشره لاراواي لمسدس من طراز Glock.

كان هذا اللقاء بداية علاقة عمل باع فيها لبيركينز حوالي 200 قطعة سلاح، على مدى بضعة أشهر عام 2015، وذلك بحسب وثائق المحكمة.

التقى الرجلان شخصياً بضعة وعشرين مرة، وفي نهاية المطاف بدأ لاراواي في بيع الأسلحة «مقدماً» توقعاً لمدفوعات مستقبلية. ولتسهيل هذا الترتيب، أمد لاراواي بيركنز برقم حساب جار. فقدم بيركنز، على مدى بضعة أسابيع في شهري يوليو، وأغسطس 2015، ثماني ودائع في حساب لاراواي بلغ مجموعها 37 ألف دولار.

لاحقاً، أخبر لاراواي الوكلاء الفيدراليين أنَّ بيركينز كان مهتماً بشراء المسدسات فحسب وأنه كان يدفع نقداً. وقال أيضاً إنه كان يعرف أنَّ بيركنز يعيد بيع الأسلحة.

وحتى شهر مارس/آذار الماضي، تتبع وكلاء ATF حوالي 130 قطعة سلاح عثرت عليها الشرطة اتضح أنَّ لاراواي كان هو المشتري الأصلي لها، وذلك بحسب إفادة خطية من العميل الخاص آشلي سي هول. ووفقاً لهذه الإفادة الخطية، فإنَّ لاراواي قال إنه باع حوالي 106 من قطع السلاح هذه إلى بيركينز قبل أن تستعيدها سلطات إنفاذ القانون.

لاحظت السلطات الفيدرالية، في صيف عام 2015، أنَّ لاراواي اشترى أكثر من 300 قطعة سلاح في أقل من عامين وفتحت تحقيقاً. اتهم لاراواي في شهر فبراير/شباط 2016 ببيعه أكثر من 400 قطعة سلاح ناري دون رخصة. وأقر بالذنب بعد ذلك بشهرين وبدأ في التعاون ضد بيركينز في مقابل ما كان يأمل أنه قد يكون عقوبة أخف مما كان ليحصل عليها دون ذلك التعاون.

وكتبت زوجة لاراواي، يالي ين، إلى القاضي في ذلك الوقت تطالبه بالرفق مع «الخطأ الوحيد» لزوجها.

وأشار محامي دفاع لاراواي إلى «المسار الوظيفي المشرف في خدمة الولايات المتحدة الأمريكية» لموكله وندمه الصادق على سلوكه.

وكتب المحامي: «منذ إلقاء القبض على السيد لاراواي، وقد فعل كل ما بوسعه لتصحيح خطئه».

حكم على لاراواي بالسجن 18 شهراً في سجن فيدرالي واستمر في التعاون ضد بيركينز.

واستغرق الأمر عامين قبل اتهام بيركينز بالإتجار في المخدرات والأسلحة النارية دون رخصة.

وبحسب المدعين العموميين، فقد باع بيركنز أكثر من مئتي مسدس «بما في ذلك أسلحة باعها لأشخاص كان يعرف أنهم مجرمون مدانون».

كتب مساعد المدعي العام ألكساندر بلانكارد: «إنَّ حجم تجارة بيركينز للأسلحة شديد الضخامة».

بيركنز

وقال بلانكارد، في جلسة النطق بالحكم على بيركينز في شهر أغسطس/آب إنَّ عدد الأسلحة المستردة آخذ في التزايد. وقال للقاضي إنَّ قطعة سلاح أخرى قد استعيدت في بحث جرى تنفيذه قبل يوم واحد فحسب، وذلك وفقاً لنص جلسة الاستماع.

ووُصِفَ بيركينز، في أوراق المحكمة التي قدمها محامي دفاعه، بأنه مجد في العمل «وزوج وأب محب» تغلب على طرده من المدرسة الثانوية واجتاز اختبار تطوير التعليم العام GED، وانضم للمارينز وأصبح كهربائياً ماهراً.

وقالت والدة بيركنز، وهي قسيسة، في خطاب وجهته إلى القاضي: «بوبي رجل صالح.. ارتكب بعض الأخطاء، لكنه كان يعمل بجد لرعاية أسرته».

وتكلم بيركينز بإيجازٍ في جلسة النطق بالحكم عليه، فقال للقاضي إنه يتحمل المسؤولية عن الأخطاء التي ارتكبها، لكنه نفى أن يكون شخصاً عنيفاً.

إذ قال بيركنز: «أنا لست شخصاً عنيفاً. ولا أحب التعامل بالعنف».

وقد تحدى القاضي، تي إس إيليس، هذا التأكيد من قبل بيركينز قبل النطق بحكمه. فأشار إلى الـ200 قطعة سلاح وأكثر التي باعها وحقيقة أنَّ بعضها «قد وجدت في حوزة مجرمين واستخدمت في جرائم أخرى».

وقال القاضي: «ربما لم تطلق النار على شخص ما، وربما لم تهاجم شخصاً ما، لكن من الواضح أنك كنت محاطاً بأدوات العنف». وأضاف القاضي أنَّ «من المهم أنَّ تكون أية عقوبة أفرضها عليك بمثابة المنارة والتحذير للآخرين بألا ينخرطوا في مثل هذا السلوك». وكذا فقد حكم عليه بالسجن لمدة 12 عاماً في سجن فيدرالي.

قضى لاراواي عقوبته في السجن وخرج بالفعل

وقال محامي لاراوي، إدوين بروكس، في مقابلة مع شبكة CNN، إنَّ لاراواي بدأ في بيع الأسلحة لأنه لم يكن يدر ما يكفي من المال لدعم نمط حياته الأعلى من الطبقة المتوسطة. وقال بروكس: «مثله مثل كل شخص آخر، كانت عليه مديونيات: قروض وبطاقات ائتمان. كان الأمر مالياً في الأساس».

ومع أنَّ لاراواي لم يعد وراء القضبان، فقد قال بروكس إنَّ ثمة ضرراً مستمراً وقع عليه من إدانته، بما في ذلك خسارة تصريحه الأمني الحكومي وهو ما يمنعه من العمل في المجال الذي اختاره. وبدءاً من الخريف الماضي، كان لاراواي يشغل منصب مدير محطة وقود.

وقال بروكس: «كانت العواقب الجانبية مدمرة».

وقال بروكس إنَّ لاراواي عمي عن نتيجة بيع الأسلحة إلى بيركنز. وقال: «لم يكن ثمة وسيلة يتوقع بها حدوث ذلك».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى