تقارير وتحليلات

نقاط ضعف إسرائيل التي تجعل نتنياهو يرضخ أمام أعداء أقل قوة

فجأة سكتت المدافع وطمأن نتنياهو الإسرائيليين بعدم سقوط قتلى جراء هجوم حزب الله، وتراجعت احتمالات حرب كان يخشاها الجميع في الشرق الأوسط، فلماذا لم يثأر الجيش الإسرائيلي من لبنان وما هي نقاط الضعف الإسرائيلية التي تجعل الدولة العبرية تخشى التورط في حرب مع أعداء أضعف منها كثيراً.

تعتبر إسرائيل أول دولة في العالم تدخل الطائرة الشبحية المتقدمة F 35 إلى الخدمة العسكرية وقيل إنها اخترقت المجال الجوي الإيراني دون أن يشعر الإيرانيون حتى أن قائد الدفاع الجوي الإيراني قد أخفى الأمر عن المرشد الأعلى على خامنئي الذي أقاله عندما أبلغته المخابرات الإيرانية بما حدث.

وإضافة إلى الطائرات تمتلك إسرائيل ترسانة من الصواريخ الباليستية وأسطولاً من الغواصات القادرة على حمل رؤوس نووية، وفي وقت تتجه أغلب دول العالم إلى تخفيض أعداد ما تمتلكه من دبابات فإن إسرائيل لديها أسطول ضخم يقارب الـ4000 دبابة.

ورغم هذه الترسانة المدججة بالسلاح، فإن إسرائيل باتت تتجنب الدخول في معركة مفتوحة مع أعداء أصغر منها بكثير مثلما حدث مع حركات المقاومة في غزة، قبل عدة أشهر إذ قبلت تل أبيب هدنة عدها الكثيرون داخل إسرائيل مهينة.

وبالأمس ابتلعت إسرائيل هجوم حزب الله على آليات وموقع عسكري على حدودها الشمالية، وبدت حريصة على تبريد الأوضاع.

فلماذا لجأ نتنياهو للتهدئة وما هي نقاط ضعف إسرائيل التي تجعلها تعزف عن الحرب مع أعداء يفترض أنهم أضعف منها بكثير.

في هذه التقارير نرصد نقاط ضعف إسرائيل التي يمكن لحزب الله أو المقاومة الفلسطينية استغلالها وكذلك الأهداف التي يمكن لإسرائيل قصفها في حالة اندلاع حرب مع حزب الله.

الجغرافيا تحاربها

منذ بداية نشأة إسرائيل ومؤسسوها يعلمون بنقاط ضعف جغرافيا فلسطين المحتلة، ولذا حرصوا على نقل المعارك  إلى أراضي خصومهم وامتلاك سلاح جو قوي يقوم بهذه المهمة.

ولكن رغم التفوق العسكري الإسرائيلي، فإن الصواريخ التي تستخدمها المقاومة الفلسطينية وحزب الله أصبحت تطال معظم الأراضي الإسرائيلية، ونظراً لقرب المسافة فإن منظومة القبة الحديدية لا تستطيع إسقاط كل الصواريخ المطلقة.

ولكن رغم محدودية القدرات التدميرية لهذه الصواريخ، ولجوء السكان عادة للملاجئ لحماية أنفسهم، إلا أن هذه الصواريخ التي وصفها الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوماً بالكرتونية لها تأثير كبير على الحياة في إسرائيل من خلال الآتي.

المطارات.. لا طيران بعد اليوم

كان من أوائل القرارات التي أصدرتها السلطات الإسرائيلية فور هجوم حزب الله الأخير هو وقف حركة الطيران القادمة إلى مطار بن غوريون الواقع في وسط البلاد.

تمثل المطارات واحداً من أكثر الأهداف تعرضاً لخطر الصواريخ، ونقطة ضعيف كبيرة لإسرائيل، فالدولة العبرية المزدهرة سياحياً لا تتحمل إغلاق مطاراتها لفترة طويلة.

الأهداف الصناعية.. قاموا بإغلاق بعضها

تمثل المنشآت الصناعية خاصة تلك التي تحتوي مواد قابلة للانفجار أهدافاً محتملة وذات تأثير بالنسبة لأعداء إسرائيل الصغار.

وسبق أن هدد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله التلويح بقصف خزانات الأمونيا في حيفا بشمال إسرائيل.

وعقب هذه التهديدات، بدأت اسرائيل بالبحث وقررت شركة «كيماويات حيفا» تسريح 800 عامل، وإغلاق خزان غاز الامونيا فيها.

التجمعات الجماهيرية.. صواريخ عابرة للمهرجانات

تمثل التجمعات الجماهيرية والمهرجانات الهدف الأكثر ضعفاً أمام خصوم إسرائيل، وهي تضطر في حال أي توتر مع جيرانها لإرجاء مثل هذه التجمعات والمهرجانات.

والمفارقة أن مثل هذه المهرجانات باتت نقاط ضعف في أي مفاوضات هدنة عبر وسطاء بين حركات المقاومة، فإسرائيل تكون حريصة على إنهاء أي حرب قبل موعد أي مهرجان غنائي مهم.

وسبق أن اضطُرت السلطات الإسرائيلية إلى إجلاء آلاف الأشخاص من مهرجان فني في مدينة سديروت بعد سقوط قذائف من غزة.

ولا دعاية أسوأ للسياحة في إسرائيل من مهرجان يقام بينما الصواريخ تعبر فوق الجماهير وهي ترقص».

تدفع إسرائيل ثمن تحولها إلى دولة متقدمة عادية يريد أن يعيش سكانها حياة طبيعية، بينما خصومها يستندون إلى قدرة حواضنهم الاجتماعية على الصبر على الأذى الإسرائيلي أكثر من المواطن الإسرائيلي العادي.

ومع تطور الاقتصاد الإسرائيلي وازدهار السياحة بات نمط الحياة الغربي هو السائد في إسرائيل وهو نمط من شأن أي صاروخ شارد أن يهزه.

اختراق الأراضي الإسرائيلية.. الأنفاق سلاح الضعفاء

سبق أن توعد الأمين العام لحزب الله بالسيطرة على منطقة الجليل في شمال فلسطين إذا ما شنت دولة الاحتلال حرباً على لبنان.

بالطبع فإن كلمة الاحتلال أو السيطرة قد تكون مبالغاً فيها، ولكن يمكن أن يكون هناك محاولات لاختراق منطقة الجليل خاصة أن جغرافيتها الأكثر وعورة في إسرائيل.

ويبدو أن حزب الله حاول تنفيذ الوعيد عبر حفر إنفاق ضخمة تتوغل داخل شمال إسرائيل لنقل المعركة إلى قلب إسرائيل، ولكن الجيش الإسرائيلي كشفها.

وكانت الأنفاق وسيلة مهمة للحركات الفلسطينية سواء لتهريب السلاح أو حماية أفرادها أو حتى اختراق الداخل الإسرائيلي ولكن التطورات التكنولوجية بدأت تزيد من فرص  اكتشاف الأنفاق.

واستخدمت حماس الأنفاق بشكل صدم الإسرائيليين في حرب غزة عام 2014، حسبما ورد في تقرير لموقع Al Monitor الأمريكي، ولكن اليوم تخلت حماس عن استراتيجية الأنفاق.

الدبابات.. نقطة تفوق تحولت إلى مشكلة

تمتلك إسرائيل أسطولاً ضخماً من الدبابات خاصة بالمعايير الغربية يقدر عدده بنحو 4180 دبابة، مقارنة بنحو 406 دبابات لدى فرنسا على سبيل المثال.

وتفاخر إسرائيل دوماً بدباباتها الشهيرة من طراز ميركافا.

ولكن خلال حربها على لبنان عام 2006 ، فوجئت إسرائيل باستخدام حزب الله لصواريخ كورنيت الروسية المضادة للدبابات، والتي دمرت وأصابت عدداً كبيراً من الدبابات الإسرائيلية.

واستخدمت حركات المقاومة الفلسطينية بعد ذلك هذه الصواريخ في مواجهة الدبابات الإسرائيلية التي يعتقد أن أداءها كان أفضل بعد أن تعلمت من درس جنوب لبنان وطوّرت أساليب تدريع وحماية الدبابات.

ولكن يظل استخدام الدبابات في المناطق الكثيفة السكان أو المناطق الجبلية الوعرة يجعلها أقل فاعلية وأكثر تعرضاً للخطر.

وتظل المعركة سجالاً بين الدبابة والصواريخ والمتفجرات المضادة لها.

الطائرات بدون طيار.. سلاح المستقبل لها ولأعدائها

في ضوء نجاح إسرائيل في اعتراض الصواريخ بواسطة نظام «القبة الحديدية»، وتدمير الأنفاق العابرة للحدود، تعتقد المخابرات الإسرائيلية أن حماس تركز على تحسين قدراتها في تصنيع الطائرات من دون طيار داخل قطاع غزة، وفقاً للصحيفة.

ويبدو أن مدى قلق إسرائيل من هذا البرنامج وصل إلى حد اغتيالها مهندساً تونسياً كان يعمل في برنامج حماس للطائرات من دون طيار.

كما أن للإيرانيين وحزب الله برامجهما الخاصة لإنتاج طائرات بدون طيار.

المفارقة أن إسرائيل هي واحدة من أكثر دول العالم تقدماً في مجال الطائرات المسيّرة، لكن أعداءها بدورهم انتبهوا لأهمية هذا السلاح.

الأهداف التي يمكن أن تضربها إسرائيل في لبنان

بعد تنفيذ حزب الله هجومه الأخير، تخوّف اللبنانيون من ردٍّ إسرائيلي يماثل حرب صيف 2006 التي أدت إلى تدمير واسع النطاق في لبنان.

وفي مقابل نقاط الضعف الإسرائيلية ما الأهداف التي يمكن أن يستهدفها الجيش الإسرائيلي في حال نشوب حرب مع حزب الله؟

السموات اللبنانية المفتوحة

بالنسبة للطيران الحربي الإسرائيلي فإن السموات اللبنانية مفتوحة حرفياً أمامه.

ففي ظل الضعف الشديد للقوات الجوية والدفاع الجوي للجيش اللبناني وكذلك قوات الدفاع الجوي التابعة لحزب الله فإن الطائرات الإسرائيلية لا تواجه أي مشكلة في اختراق الأجواء اللبنانية، وهي تفعل ذلك بشكل يكاد يكون يومياً.

لكنها تواجه مشكلة في تحديد الأهداف، أو بنك الأهداف كما يسميه اللبنانيون.

لا تحارب إسرائيل في لبنان كما في غزة عدواً له قواعد عسكرية واضحة، فحتى لو كان هناك لحزب الله مقرات معروفة فإن قياداته وأسلحته وكل ما هو مهم يكون مختبئاً سواء بين السكان أو في المناطق الجبلية الوعرة في جنوب لبنان أو في البقاع الشمالي (مناطق شيعية).

في حرب 2006 وفي مواجهة غياب المعلومة قامت إسرائيل بقصف مناطق تراها أهدافاً محتملة، وترجم ذلك فعلياً لتدمير جزء كبير من المناطق  السكنية الشيعية، إضافة إلى البنية الأساسية للبلاد التي يمكن أن يستخدمها حزب الله مثل الجسور والموانئ.

الغارات الإسرائيلية استهدفت المناطق الشيعية بالأساس في حرب 2006

ولكن لم تقم إسرائيل بقصف المناطق السنية والمسيحية إلا نادراً، قد يكون سبب ذلك هو محاولتها التفريق بين الطوائف اللبنانية، كما أن زعماء الطوائف الأخرى لديهم علاقات مع دول غربية وفرت تفاهمات لحماية مناطقهم حسبما قال مصدر لبناني لـ «عربي بوست».

ولكن الأهم أن إسرائيل تعرف أنه وفقاً للتركيبة اللبنانية الطائفية فإن حزب الله يصعب أن يخبئ شيئاً ذا قيمة في منطقة ليست ذات غالبية شيعية.

فقد سبق أن حاول الحزب أن يمد شبكة اتصالاته قرب مدينة زحلة ذات الغالبية المسيحية فانتفض نشطاؤها ضد بالحزب، معتبرين هذا الأمر غزواً للمدينة.

ولذلك في حرب 2006 تعرضت المناطق الشيعية لتدمير واسع النطاق عكس المناطق الأخرى.

فقد دمرت أجزاء واسعة من الضاحية الجنوبية لبيروت معقل حزب الله، بينما كان نصيب بيروت نفسها من القصف محدوداً.

لماذا يصعب استهداف الأهداف العسكرية التابعة لحزب الله؟

يعمد الحزب لاستغلال الجغرافيا اللبنانية المعقدة والمناطق السكنية المزدحمة لإخفاء قدراته العسكرية والإعلامية واللوجستية، وعادة يلجأ إلى توفير أماكن قيادة بديلة، فعندما قصف موقع قناة المنار التابعة للحزب بثت القناة من أماكن أخرى.

وفي مواجهة التفوّق الجوي الإسرائيلي الساحق يعمد الحزب إلى استخدام أساليب غير تقليدية في توفير خطوط الإمداد، حسبما يقول خبير لبناني مطلع على شؤون حزب الله لـ»عربي بوست».

فبدلاً من استخدام سيارات لنقل الجنود والمؤن يمكن استخدام الدراجات النارية أو الهوائية أو حتى الحيوانات لنقلها.

وفي الحرب الماضية، سحب الحزب معظم ميليشياته من جنوب لبنان عقب تقدم الجيش الإسرائيلي، تاركاً قواته النخبوية تحارب عبر نصب الكمائن للجنود الإسرائيليين.

قرار سحب الميليشيات كان له عدة أهداف، تقليل الخسارة البشرية، وكذلك تخفيف الأعباء اللوجستية.

أحد الأساليب التي استخدمها حزب الله في حرب 2006 لتوفير المؤن هو السماح لمقاتليه بتناول الطعام من المحلات والمخازن التي فرّ أصحابها من الجنوب هرباً من الإسرائيليين، مع محاسبة أصحاب المحلات على أسعار هذه المؤن بعد نهاية الحرب، حسبما قال الخبير اللبناني.

في المقابل، فإن الجيش الإسرائيلي رغم كل تقدمه يحارب كجيش عادي، وعادة فإن الإمداد والتموين إحدى أكبر إشكاليات الجيوش العادية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى