تقارير وتحليلات

هل يواجه نتنياهو تحديات أكثر من أي وقت مضي؟

يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يستعد للترشح لفترة ولاية خامسة، العديد من التحديات السياسية، لكنها لم تكن مثل التحديات التي يواجهها في الوقت الراهن.

فقد أكد النائب العام في إسرائيل أنه يخطط لتوجيه اتهامات جنائية خطيرة ضد نتنياهو – والتي تتضمن الرشوة، والاحتيال، وخيانة الثقة – بانتظار جلسة استماع. وهذه الاتهامات قد تؤدي إلى إصدار أحكام بالسجن في حالة الإدانة.

ونتنياهو متهم بتقديم خدمات لأصدقاء أثرياء مقابل “خط إمداد” من الشامبانيا، والسيجار باهظ الثمن، وتغطيات إعلامية إيجابية لصالحه.

بالإضافة إلى هذا، هناك تحد آخر يتمثل في مواجهة خصمه السياسي اللدود لسنوات طويلة بيني جانتز، رئيس الأركان السابق للجيش الإسرائيلي، الذي توعد بتطهير الحكومة. وحاليا يتقدم غانتس على حزب الليكود الذي يرأسه نتنياهو في استطلاعات الرأي.

وفي لقاء تلفزيوني يوم الخميس الماضي، شن نتنياهو هجوما مضادا، حيث نفى بشدة جميع التهم المنسوبة إليه، واتهم النائب العام – الذي عينه هو بنفسه – بالخضوع للقوى السياسية اليسارية، وقال إنه ضحية “حملة ملاحقة غير مسبوقة” لإسقاط حكومته اليمينية.

معركة من أجلالبقاء

يقول أنشيل بفيفر، الصحفي بجريدة هاآرتس الإسرائيلية الذي كتب السيرة الذاتية لنتنياهو في الآونة الأخيرة، إنه “يتعرض لضغط شديد ويتصرف بتهور”.

ويضيف بفيفر “كلما سببت له هذه الاتهامات المزيد من المتاعب وكلما زادت التحديات في المشهد السياسي من حزب جديد مثل حزب غانتس – ومع احتمال أن يتحدث خصومه داخل حزب الليكود ضده علانية – سوف نرى تراجع صفة رجل الدولة وبروز صفة السياسي المحلي الذي يخوض معركة قذرة من أجل البقاء”.

نتنياهو وترامب
يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي التركيز على إنجازاته الدولية أثناء الترويج لنفسه لفترة ولاية خامسة

ولم يفوت نتنياهو، الذي عاد مبكرا من اجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو قبيل إعلان النائب العام الإسرائيلي لائحة الاتهامات، الفرصة في التأكيد على إنجازاته التي لا ينكرها أحد على المستوى الدولي.

وفي الآونة الأخيرة، انتشرت لافتات إعلانية ضخمة في تل أبيب والقدس بها صورة رئيس الوزراء مبتهجا أثناء مصافحة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ومكتوب عليها: “نتنياهو: مستوى مختلف”.

ويستهدف رئيس الحكومة الإسرائيلية من تلك الحملات إظهار كيف ساعدت علاقته الوثيقة مع البيت الأبيض في التعامل بصرامة مع إيران والفلسطينيين، بالإضافة إلى الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وأثارت تلك الدعاية غضب الفلسطينيين الذين يطالبون بأن تكون القدس الشرقية عاصمة دولتهم المستقبلية.

ويدعم أعضاء الليكود رئيس حزبهم بقوة في الانتخابات المقبلة.

وفي فعالية للحزب الشهر الماضي، قال لي زوهار تال، وهو أحد المرشحين “في الوقت الراهن لا يضاهي أحد نتنياهو في القوة والذكاء والخبرة”.

وقال إيريس، أحد المؤيدين بقوة لرئيس الوزراء الإسرائيلي “ليس لدينا رئيس وزراء أفضل من نتنياهو هنا، ليس فقط من أجل الأمن، لكن من أجل الأوضاع الاقتصادية”.

وبعد إعلان النائب العام خطته لتوجيه الاتهامات لرئيس الوزراء، أصدر شركاء الائتلاف الحاكم بيانا لدعم وتأييد نتنياهو.

وتستمر استطلاعات الرأي في إظهار زيادة فرص فوز القوى اليمينية والأحزاب الدينية بأغلبية كبيرة في الكنيست الإسرائيلي بعد انتخابات التاسع من أبريل المقبل.

غانتس
تعهد بيني غانتس بألا يكون عضوا في حكومة يرأسها نتنياهو

مياه مجهولة

في غضون هذا، يطالب معارضو نتنياهو الرئيسيون بتنحيه، متعهدين بأنهم لن يكونوا أعضاء في حكومة هو رئيسها في المستقبل.

وقال بيني غانتس، في حديث تلفزيوني الخميس الماضي “يا شعب إسرائيل، إن وجودنا على مقاعد حكومة يرأسها نتنياهو لن يحدث. وأطالبك يا نتنياهو بالتنحي، وأن تظهر بعض الإحساس بالمسؤولية وتتقدم باستقالتك من منصبك”.

وأرسل حزب العمال رسالة صوتية لمئات الآلاف من الإسرائيليين تضمنت تسجيلا صوتيا لنتنياهو، أثناء وجوده في معسكر المعارضة في 2009، يطالب فيها إيهود أولمرت، رئيس الوزراء آنذاك، بالاستقالة من منصبه بعد مواجهة مزاعم فساد.

وتنحى أولمرت بالفعل وأدانته المحكمة بعد ذلك باتهامات تقاضي رشوة، ليمكث أكثر من عام ونصف في السجن.

يُذكر أن هذه المرة الأولى التى تتم فيها مقاضاة رسمية لرئيس وزراء إسرائيلي لا يزال في منصبه. وبينما لا تحول إجراءات التقاضي التي تتخذ ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي دون استمراره في منصبه، إلا أنها تجعله في موقف يسوده انعدام اليقين.

وقال غاي لوري، الخبير القانوني في مركز إسرائيل الديمقراطي “إننا نبحر في مياه مجهولة، ولا نعرف إلى ماذا ينتهي الأمر”.

إيهود أولمرت
حُكم على رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت بالسجن في عام 2016 لإدانته بالفساد

ويظل نتنياهو بريئا من تلك الاتهامات ما لم تثبت إدانته. لكن إذا أُعيد انتخابه ثم أُدين بتلك الاتهامات ورفض الاستقالة، فإن المحكمة العليا ستتدخل على الأرجح للفصل في وضعه.

وقال لوري “من الصعوبة بمكان أن نراه (نتنياهو) أمام المحكمة في مواجهة اتهامات عدة بالفساد بينما لا يزال يقود الحكومة”.

ويصف نتنياهو القضية المرفوعة ضده بأنه “بيت من البطاقات”، متوقعا أنها “سرعان ما تنهار”.

رغم ذلك، يرى مراقبون في إسرائيل أن سمعة نتنياهو تلطخت بالفعل بالاتهامات عن أسلوب الحياة الباذخ، وتعارض المصالح، واستغلال السلطة.

وجاء في تقرير مطول تسلم محامو نتنياهو نسخة منه أن النائب العام أفيخاي ماندلبليت قال “لقد ألحقتَ أضرارا بصورة الخدمة العامة وإيمان الجماهير بها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى