تقارير وتحليلات

إيران تشهر وجهها البغيض …دلالات ومشاهد حول حادث الاعتداء على السفارة الإيرانية في بريطانيا

يفتح الهجوم الذي تعرضت له السفارة الإيرانية في لندن، من بعض الأفراد من جماعة الشيرازي الشيعية، والذي جاء احتجاجا علي اعتقال إيران لرجل الدين الشيعي حسين الشيرازي في مدينة قم قبل أيام ليفتح الكثير من التساؤلات حول واقع المشهد الايراني الراهن وتخبط النظام الحاكم واستعداءه حتى للمرجعيات الدينية من جانب ، وحول ماجرى حول السفارة وإذا كان التصعيد بأياد نظام طهران من أجل تحقيق مكاسب لدى بريطانيا في هذا التوقيت الدقيق خاصة مع زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وما حققته الزيارة من مكاسب من بينها تغيير نبرة بريطانيا إزاء إيران وهو ما بدى واضحا في تصريحات رئيسة الوزراء تريزا ماي قبل أيام.

وتمثل جماعة الشيرازي تيار فكرى وسياسى مناهض للنظام الإيراني ومخالف للخامنئى، أسسه محمد الشيرازى فى منتصف الستينات، حيث يتعرض الشعب الإيراني لعمليات اضطهاد وقمع باستمرار علي يد السلطات الإيرانية المتعاقبة وخاصة شعب الأحواز الذي لقي أشكال مختلفة من القمع والأضطهاد علي مر تاريخ الدولة الإسلامية الإيرانية.

وتمكنت السلطات البريطانية من إنهاء هجوم جماعة الشيرازي الذي شهدته السفارة الإيرانية في لندن، واعلن المتحدث بإسم وزارة الخارجية الايرانية بهرام قاسمي اعتقال المعتدين على السفارة الايرانية في بريطانيا، طالب بمحاكمة ومعاقبة المحرضين ومنفذي هذا الاعتداء.


أمن السفارات
وبالرغم من أن الرواية والمشهد به كثير من الغموض الذي يلفت إلى أن مصلحة النظام كانت في مثل هذا التحول الذي هو حالة إيرانية تاريخية، فإيران لها سابقات متعددة في مسألة الاعتداء على السفارات الأجنبية على أراضيها، والتي كانت في غالبها تنفذ من قبل قوات باسيج بزي مدني يتحرك بين متظاهرين وتبدأ المسألة في الاشتعال، وهو ما يبدو أنه جرى في لندن هذه المرة لاستغلال الحدث، خاصة أنه لا اقتحام فعلي للسفارة وانما مشهد تمثيلي أكد مكتب ممثل الشيرازي في لندن أنه لم يكن أساسا من بين الامور المتخيلة، معتبرا أن ما جرى هو شيء من التحمس الزائد لمحبي المرجع الشيعي الذي ألقت مخابرات النظام الايراني القبض عليه قبل ثلاثة أيام.
وفي المقابل تسعى ايران لمزيد من الهجوم على السلطات البريطانية، وفي الخلفية مميزات تطمح في تحقيقها مستقبلا، حتى وصل الأمر بمسئولين ايرانيين لالقاء الاتهام على الشرطة البريطانية، والقول بأن اقتحام السفارة جاء بموافقة الشرطة، نظرا للتعقديات الأمنية التي تفرضها السطات البريطانية وخاصة علي السفارات مما يثير الشكوك حول كيف تمكن 4 أشخاص من دخول مبني السفارة واعتلاء المبني والظهور في الشرفة واسقاط العلم الإيراني ورفع راية الشيرازي، وهو ماقاله رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الاسلامي علاء الدين بروجردي، والذي أكد مباشرة على أن الحادث تم تحت موافقة بريطانيا و بغض الطرف من قبل قوات الأمن والشرطة البريطانية.
العجيب في الامر أن دولة كإيران هي التي تتحدث الآن عن الحق الايراني في حادث الاقتحام الذي تم بالاساس من قبل مواطنين إيرانيين وتناست اعتداءات النظام على سفارات الدول لديها وآخرها السفارة السعودية في طهران وقنصليتها العامة في مدينة مشهد.


هجوم 1980

ويعيد بنا حادث السفارة الايرانية في لندن إلى حادث أبريل لعام 1980 الذي استهدف السفارة من قبل ٦ من الأحواز، والذين احتجزوا وقتها 26 شخصا بينهم دبلوماسيون وعاملون بالسفارة وزوار، وطالبوا بالإفراج عن معتقلين عرب من الأحواز في السجون الإيرانية، إضافة إلى مطلب بالحكم الذاتي للإقليم.

وبعد إصرار الحكومة الإيرانية على موقفها الرافض للإفراج عن المعتقلين السياسيين، بدأ المقتحمون في التفاوض، مطالبين بحافلة تقلهم إلى مطار هيثرو شمال لندن لنقلهم من هناك إلى إحدى الدول العربية لكن السلطات البريطانية رفضت السماح لهم بمغادرة الأراضي البريطانية أحياء.

مجازر النظام الإيراني

وجاءت علمية سيطرة الأحواز علي السفارة الإيرانية في لندن على خلفية مجزرة الأربعاء الأسود التي حدثت بمدينة المحمرة جنوبي الأحواز بتاريخ 30 مايو عام 1979، والتي قامت بها قوات ومليشيات تابعة للحكومة الإيرانية ضد العرب المطالبين بحقوقهم القومية بقيادة زعيمهم الروحي آية الله آل شبير الخاقاني ونتج عن تلك المجزرة أكثر من 300 قتيل من العرب واعتقال المئات، وذاقوا ألوانًا من العذاب علي يد قوات الحرس الثوري الإيراني.
واقتحمت الشرطة اابريطانية السفارة وقتلت خمسة من المحتجِزين، وظل فرد واحد منهم على قيد الحياة، وحكم عليه بالسجن المؤبد، وانهى محكومينه قبل قرابة ١٠ سنوات.

اعتقال الشيرازي وتحديث للوضع
وبالرغم من اختلاف الاحداث يأتي حادث الشيرازي ليؤكد على أن الآلة القمعية الايرانية ممتدة من الخوميني إلى خامنئي، وحتى من السنة العرب، إلى الشيعة الإيرانيين، وهو ما عبرت عنه الأيام القليلة الماضية والتي خرجت فيها احتجاجات جديدة في المدن الشيعية في مدن مشهد وقم في إيران، إضافة إلى كربلاء والنجف وبغداد في العراق وعدد آخر من البلدان ذات التواجد الشيعي.
الاحتجاجات خرجت رفضا لاعتقال الشيرازي، وذلك بعد محاضرة دينية كان بها اسقاطات على الحكام المستبدين.
واستدعى الشيرازي، الذي يدعو لفصل المرجعيات الدينية عن نظام الحكم وكذلك الحوزات، أكثر من مرة لمديرية الاستخبارات الإيرانية خلال الأعوام الماضية، وكان آخرها في فبراير الماضي، وكل ذلك لانتقاده للسلطات ومبدأ ولاية الفقيه.

زيارة ولي العهد السعودي


الحدث الابرز الذي يمكن الربط به هو تزامن الأزمة مع مع ختام زيارة ناجحة ومهمة في مسار التعاون، لولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سملان والتي شهدت تأكيد على تعزيز العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين البلدين، واتفاقات بقراربة ١٠٠ مليار دولار، الأمر الذي يعزز حالة بريطانيا التي تخرج من البريكست بأزمات اقتصادية كبيرة.
الاهم أن البلدين وفي بيان ختامي حول الزيارة كان لإيران وجود في البيان حيث شدد كل من بريطانيا والسعودية على ضرورة التزام إيران بمبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، بما يتماشى مع الأعراف الدولية وميثاق الأمم المتحدة، ودعوة إيران لاتخاذ خطوات ملموسة وعملية لبناء الثقة وحل خلافاتها مع جيرانها بالوسائل السلمية.
وعلى صعيد الوضع في اليمن أكد البلدان على أهمية التوصل إلى حل سياسي للأزمة في اليمن على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليات تنفيذه ونتائج الحوار الوطني اليمني وقرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي سيقود إلى حل سياسي يكفل أمن اليمن وسلامة أراضيه.
اتفق البلدان على أن أي حل سياسي يجب أن يؤدي إلى إنهاء التهديدات الأمنية للمملكة العربية السعودية، والدول الإقليمية الأخرى، وشحنات البحر الأحمر، بالإضافة إلى إنهاء الدعم الإيراني للميليشيات وانسحاب العناصر.
احتجاجات إيرانية
وحادث الشيرازي واندلاع مظاهرات جديدة لها طابع مختلف في الداخل الايراني والخارج تؤكد على أن ثمة تحول جديد لحالة التظاهرات التي اندلعت في نهاية العام الماضي، ولا تزال مستمرة رغم التضييق الاعلامي عليها من قبل السلطات الايرانية، فإضافة إلى المطالب الشعبية الاقتصادية والاجتماعية، وحتى السياسية تخرج اليوم مظاهرات ذات طابع عقائدي شيعي بالاساس ليؤكد على أن النظام يمر بحالة من التخبط الواضح ويعادي كل من يوجه له النقد أيا كان.
وأخيرا؛ فإن حادث السفارة وتحركات انصار الشيرازي تفتح الباب أمام مشهد سياسي جديد ومحاولة ايرانية للضغط باية صورة على بريطانيا خوفا من اتخاذها ايه اجراءات ضد نظام ولاية الفقيه الذي خرج شيعة مذهبيون يعلنون فساده ويؤكدون رفضهم له.

https://www.youtube.com/watch?v=tRlXUkKVqBc

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى